الهجرة
بسم
الله الرحمن الرحيم،
الحمد لله رب العالمين، نحمده و نستعينه،
ونصلى ونسلم على سيدنا محمد وعلى أهله و أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال الله تعالى: " كنتم خير أمة
أخرجت للناس تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، و تؤمنون بالله"2:110. فيجب
على كل المؤمنين أن يأمروا بالمعروف و ينهوا عن المنكر وأن يدعوا لدين الله
المسلمين وغير المسلمين. وفي هذا الشهر المحرم، هيا بنا أن نستغل هذه الفرصة
الذهبية ونحن في بداية العام مع ذكرى هجرة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه لتجديد
نيتنا وأعمالنا لكي نحصل على بركة عظيمة وواسعة ونحاول ونجتهد لنكون عبادا صالحين.فلا
بد علينا أن نهاجر بنيتنا و أعمالنا إلى الخير، وكما هو معلوم لدينا أن "اليوم أحسن من الأمس، والغد أفضل من
اليوم". وهذا يتناسب مع موضوعي عن الهجرة ,لأنه من المهم أن تهاجر نفوسنا من
الشر إلى الخير ومن الجيد إلى الأفضل.
وأود أن أسلط الضوء على عدة نقاط هامة من هجرة النبي عليه
الصلاة والسلام فهل فهمنا معنى الهجرة؟ أجيبوا أنفسكم ! هل توجد هجرة مثل هجرة
النبي محمد صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم. هل كلمة الهجرة خصوصا في زمن رسول
لله وليس في زمننا؟ و في هذه المقالة، سأكتب عن الهجرة من أربع نقاط مهمة والتي لا
بد علينا أن نمارسها. أولا، الهجرة من قصة الرسول الله صلى الله عليه وسلم. ثانيا
الهجرة لبحث الله سبحانه و تعالى.ثالثا الهجرة الفكرية. و أخيرا الهجرة إلى
الفطرة.
أولا
و قبل كل شيء، هجرة النبي محمد صلى الله عليه و سلم هي أعظم و أحسن و أفضل و أكرم
و أجمل و أكبر هجرة. لن يوجد مثلها ولم يوجد قبلها. حيث أمر الله تعالى النبي محمد صلى
الله عليه و سلم أن يهاجر من مكة إلى المدينة لرفع كلمة الدين الكريم والعظيم هو
الدين ونشر الدعوة الإسلامية. أيها الإخوة الأحبة، هيا نبصر هذه القصة الرائعة. وما
هي العبرة؟ إنها التقوى والطاعة المطلقة ,
لم يسأل النبي صلى اللهعليع وسلم ربه ، لماذا أهاجر؟ لماذا المدينة؟ لماذا أنا؟
ولكن الله أمر النبي أن يهاجر فهاجر من مكة إلى المدينة. هذا يدل على معنى التقوى ,وهو
أن يلتزم أمر الله و يجتنب نهىه. وإن المسلمين اليوم لا بد أن يسيرو على خطا النبي محمد صلى الله عليه وسلم.في طاعته واستجابته
لأمر الله عز وجل لكن للأسف في زماننا ، يوجد بعض الناس يسأل كذا كذا ولماذا أفعل
كذا ومع ذلك لا يريدون أن يعملوا. وهنا المشكة الكبيرة. فلن يفلح المؤمنون إلا إذا كان عندهم التقوى وطاعة الله
سبحانه وتعالى و رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثانيا،
الهجرة لبحث الله سبحانه وتعالى. عن عمر رضي الله عنه، سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول:" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كان هجرته
إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله.".لقد بدأ الأعمال بالنيات، فعلى كل
مسلم أن يخلص نيته لله وحده لأن الله هو الرحمن و الرحيم وهو الملك في الدارين.
إذا، يجب علينا أن نهاجر لبحث خالقنا كما بحث نبي إبراهيم عليه السلام ربه. الهجرة
لله هي أهم و أشرف الهجرة لأن الله هو
خالقنا، و نريد أن نعمل أعمال الخير طاعة
لأمر الله سبحانه وتعالى. ويمكننا القول أن الهجرة إلى الرحمن هي أن نعرف ما أمر الله
سبحانه وتعالى به وما نهى عنه وعلى سبيل
المثال، قوله تعالى "الذين يؤمنون
بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، و الذين يؤمنون بما أنزل إليك وما
أنزل من قبلك وبالأخرة هم يوقنون..."سورة البقرة:2-4.
هذه أشياء بسيطة جدا، وبعد أن نعرفها لا
بد علينا أن نمارسها في حياتنا اليومية حتى نحصل على رضوان الله سبحانه وتعالى. فمن
الضروري لنا، نحن المسلمين أن نهاجر من أحوالنا وعاداتنا إلى أوامر الله ومنهج الله وأن تكون أعمالنا خالصة
له لا لغيره كما قال الله تعالى:"إياك نعبد وإياك نستعين"سورة
الفاتحة:5. وثالثا، الهجرة الفكرية. ففي هذا العصر تتنازع الأفكار، فتوجد مذاهب فكرية
متنوعة ,الليبرالية، والتحررية، والعلمانية،
ونظرية المساوة بين الجنسين، والإشتراكية، والشيوعية، ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة و
غيرها. هل كلها مقبولة أم مردودة .؟؟ الله تعالى يقول (إن الدين عند الله الإسلام)
فالفكرة الإسلامية هي المقبولة فقط. وقبل أن نحكم هذه الأفكار لا بد علينا أن نعرف
ما أصلها و كيف أساسها ومن أسسها. أيها الإخوة الأحبة، في رأيي، أنها كلها قبيحة،
وسيئة، وحقيرة، وقذرة، و كريهة وكلها جاءت من اجتهاد البشر كي ينحوا الدين جانبا
.لكنها أثبتت فشلها وعوارها وما هي إلا كزبد البحر .كما قال الله عز وجل (فإما
الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ولن ينفع الناس إلا منهج
الإسلام الذي هو منهج سماوي رباني.
وأخير
ليس آخرا الفكرة الصحيحة الأساسية هي العودة إلى الفطرة. أحيانا ننظر إلى الأمام و
إلى المستقبل، ولا أقول أن المستقبل غيرمهم ولكن أحيانا نريد أن نعود إلى الأصل.
كيف؟ الدليل هو "كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو ينصرانه أو
يمجسانه، ".
فقبل تأثير ، الأب، والأم،والمعلم، والدكتور والأعمال والأشغال والأفكار ، كنا كالصبي الذي
يولد على الفطرة. إذاً، نريد أن نطهر أنفسنا كما كنا على فطرتنا السليمة كمن يولد
على الفطرة.
فعلينا أن نطهر أنفسنا
بالتوبة النصوح وبترك ما حرم الله والإقلاع عن المعاصي والذنوب والتزام طاعة الله
وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم. كما قال
الله:" إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" سورة البقرة:222. ومن حيث البلاغة،
تقدم التوبة على الطهارة لأن التوبة سبب للطهارة، ويمكن أن نفهم إذا كنا نريد أن
نتوب إلى الله لا بد علينا أن نطهر أنفسناوهذا معنى العودة إلى الفطرة. فليس العودة
الى الفطرة أن نرجع إلى الماضي، فهذا لا يمكن! ولكن أقصد هنا هي الصفة.والله أعلم.
وفي
الخلاصة، نسأل الله أن يمن علينا بالمغفرة، وأن يقبل توبتنا، ويرضى هجرتنا، وأن يزيدنا
علما واسعا وعملا متقبلا، و رزقا واسعا وأن يسهل أمورنا و أعمالنا.آمين.وصلى الله
وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
شكرا جزيلا. السلام عليكم.
5:38 PM |
Category: |
0
comments
Comments (0)